الحياةُ يا صديقي ليست طريقًا مُمهّدًا بالورود، بل دربٌ طويلٌ يتخلّله شوكٌ وحجارة، ومفاجآتٌ تنبت في العتمة كما تنبت الزهور في الضوء.
نحمل في صدورنا أحلامًا أكبر من أعمارنا، ثم تفاجئنا الأيام بأحداث لم تخطر لنا على بال، فنقف بين خيارين: إمّا الانكسار، وإمّا أن نتعلّم كيف نُرمّم أنفسنا بالشجاعة.
تأتي الحياة أحيانًا بثقلٍ لا يُطاق؛
بخسارةٍ موجعة، أو تعبٍ ينهش الروح، أو أبوابٍ تُغلق واحدةً تلو الأخرى.
لكن العجيب أن الإنسان، رغم كل هذا، يملك قدرة خفية على النهوض؛
قدرة تولد معه، تتشكّل كلما ضاقت الأرض، وتُزهر كلما ظنّ أن الربيع لن يأتي.
نحن لا نتجاوز الصعاب دفعةً واحدة…
بل ننجو قليلاً بقليل،
مرةً بالصبر،
ومرةً بابتسامة خجولة،
ومراتٍ كثيرة بالدعاء حين لا نجد الكلمات.
نتجاوزها حين نتقبّل أن الحزن جزء من الطريق،
وأن الخيبة ليست نهاية القصة،
وأن الله يُمهلنا أحيانًا لنتقوّى، لا لنتعذّب.
وحين نفهم أن كل ألم يحمل في داخله بذرة نور،
وأن كل تعثّر يفتح لنا بابًا كنا نجهله.
وما أجمل أن يتذكّر الإنسان أنه ليس وحيدًا؛
أن قلبه إذا ضاق، فهناك سماوات واسعة فوقه،
وأن روحه إذا تعبت، فهناك دعوة صادقة كفيلة بأن تُعيدها إلى الحياة.
في النهاية…
الحياة لا تنتصر دائمًا للأقوى،
بل لأولئك الذين قرّروا أن يستمرّوا رغم ضعفهم.
ولعل أجمل ما فيها أننا، بعد كل تجربة قاسية، نخرج منها أكثر نضجًا، أكثر فهمًا، وأقرب إلى أنفسنا من أي وقت مضى.
فليكن يقينك ثابتًا…
أن الله لا يكلّف نفسًا إلا وسعها،
وأن خلف كل عتمة، نورًا ينتظر أن يلامس روحك.
وأنك، مهما تعبت اليوم، ستنهض غدًا أقوى…
فالحياة لا تُهزم، لكنّها أيضًا لا تهزم من يمتلك قلبًا لا ينكسر.


